حلم رجل مضحك هي قصة للكاتب الروسي فيودور ديستوفسكي ، تحكى القصة عن رجل كان موضع سخرية بين أصدقاؤه ، وقرر الانتحار ولكنه صادف طفلة صغيرة جعلته يغير مسار حياته .
نبذة عن الكاتب :
فيودور ديستوفسكي هو كاتب وروائي وفيلسوف روسي شهير ، عاش في القرن التاسع عشر ، وكانت رواياته تحوي تحليلًا للنفس البشرية ، كما كان يقدم نقدًا للحياة السياسية والاجتماعية في روسيا ، وكانت رواياته تحمل معاني فلسفية.
أحداث القصة
هي قصة رجل كان يراه أصدقاؤه مضحك ، كانوا دائمًا ما يسخرون وفي النهاية كانوا ينعتونه بالمجنون ، كان في البداية يتألم لهذا الوصف ، لكنه بعد أن أصابه الاكتئاب لم يعد يكترث لكونه مضحكًا ، حتى أنه أراد أن يضحك معهم وهم يستهزءون به ليس لكونه مضحكًا ولكن لكي يسري عنهم ، لكنه لم يستطع بسبب حزنه.
لقد قرر أن ينتحر واشترى مسدسًا ، ولكن المسدس ظل ملقى في الدرج مدة شهرين ، وفي أحد الليالي بعد أن قضى السهرة عند أحد المهندسين ورفيقيه ، وقد رأه الناس مملًا لأنه ظل صامتًا طوال الليل ، قرر الانتحار أخيرًا بعد أن نظر للسماء وكانت الليلة شديدة الظلام ، ولكنه رأى نجمًا صغيرًا يتلألأ في السماء فأيقظ النجم في رأسه فكرة الانتحار .
ولكن بينما هو غارق في أفكاره ، أمسكت بكمه فتاة صغيرة بائسة تغطي شعرها بمنديل ، وترتدي ثياب خفيفة مبللة ، وحذائها ممزق ومبلل وترتعد من البرد ، لم تكن الفتاة تبكي ولكن كانت تستجدي المساعدة ، وقد بدت مذعورة من أمر ما ، ثم صرخت أمي ، أمي الحبيبة .
فكر الرجل في نهرها ، ولكنه انصرف مسرعًا فذهبت خلفه ، طلب منها أن تخبر الشرطي ، وقد خيل إليه أن والدتها تحتضر في مكان ما ولكنه امتنع عن مساعدتها ، ولكنها ضمت يديها الصغيرتين في تضرع ، فقرع لأرض بقدميه ونهرها ، أسرعت الفتاة مبتعدة لتطلب المساعدة من شخص آخر .
عاد الرجل إلى غرفته الفقيرة الخالية إلا من بعض الأثاث القديم ، وأخرج مسدسه لكنه لم يستطع الانتحار بسبب تفكيره في تلك الفتاة ، وقد كان بإمكانه مساعدتها لكنه لم يفعل ، وقد أغضبه أكثر أنه طالما قرر الانتحار فلماذا يكترث للدنيا .
ثم نام وهو يفكر وأخذ يحلم أنه انتحر وسقط ميت على الأرض وقد شعر بألم في جسده كأنه تلقى رصاصة ، حمله جيرانه ووضعوه في النعش ودفنوه ، وأنه كان مستيقظ يسمع ما يدور حوله لكنه كان مغمض العينين غير قادر على الكلام أو الحركة .
لم يدري كم مضى عليه في هذا الوضع ، لكن بعد فترة بدأت قطرات من الماء تتساقط على عينيه ، شعر بالانزعاج من تلك القطرات ، ثم فجأة انفتح القبر وقد حمله كائنًا غامضًا مجهولًا وحمله وطار به إلى السماء ، وقد رأى النجم الذي رآه يتلألأ تلك الليلة .
ود طارا طويلًا حتى رأى شمس تشبه شمسنا ووصل لكوكب يشبه كوكب الأرض تمامًا ، وهناك رأى أناس يشبهوننا تمامًا لكنهم مختلفون ، لقد كانت أعينهم نقية تشع نورًا ، لا يوجد بها أثر للكذب ولا الحقد ، لم يكن يعرفون ما هي تلك الكلمات أصلًا ، كانوا بشرًا بلا خطيئة .
كانت الطبيعة من حولهم نقية مثلهم ، كانت الأشجار تشع خضرة ، حتى الحيوانات عاشت بينهم بسلام دون أن تهاجمهم أو يهاجموها ، ولقد أحبهم كما أنهم أحبوه ، وحكى لهم عن الأرض.
ولكنه في نهاية أفسدهم جميعًا ، لقد تعلموا الكذب وأحبوه وانتهى بهم الأمر إلى القتل ثم تفرقوا وتباعدوا وبدأت التحالفات ، وعندما أصبحوا مجرمين اخترعوا العدالة ، ونشبت الحروب ، وحين أراد نصحهم نعتوه بالمجنون وطلبوا منه أن يصمت وإلا حبسوه في مشفى المجانين ، أحس الرجل بانقباض في قلبه .
وعند تلك اللحظة استفاق من نومه ، وقد وجد الوقت فجرًا ، والمسدس مازال بجواره فأبعده بعيدًا ، وقد كان مقتنعًا أن ما رآه لم يكن حلمًا ، وقرر أن يصبح مبشرًا وهو على يقين أن الجنة لن توجد على الأرض أبدًا لكنه سيظل يحب الناس كما يحب نفسه حتى لو رآوه مضحكًا ، لأن هذا هو الشيء الأساسي الذي لو فعله الناس لحققوا الجنة على الأرض ، وسيظل يبحث عن تلك الطفلة حتى يجدها .