قم ودّع اليوم الأخير . 1/3
سمعت الصوت فأفقت من نوم عميق .. لو أنني كنت من الذين يرون الرؤى ، أو كنت ممّن سبق لهم أن جاءهم هاتف من الغيب ، لما أذهلني ما سمعته وأنا فيه ..
إنّني رجل تسوقه الأيّام ولا يسوقها ، وأعني أنّني أتقبّل بالرضى جميع ما تحمله إليّ من حلو ومرّ ، فأتكيّف بها ولا أكيّفها ، ومن أنا لأروّض الأيام فأجعلها رهن إرادتي ؟ ..
إنّ الحقيقة غير ما أقول ، ويؤلمني أشدّ الألم أن ينزلق لساني ، ومع لساني روحي إلى الكذب ، فما أظنّني أمقت شيئاً مقتي لتمويه الحقيقة بالكذب .
أفيعني الصّوت أنّ اليوم الأخير قد ابتدأ من نصف هذا الليل وسينتهي عند نصف الّليل الآتي ؟ فما قوله برائد الفضاء الّذي دار حول الأرض سبع عشر مرّة في خمس وعشرين ساعة ، فشهد في خلال يوم واحد سبعة عشر شروقاً للشمس وسبعة عشر غروباً ؟ . بل ما قوله إذا قام رائد آخر فراح يدوّر الساعات ، بل الأيّام ، بل الشهور حول قطب الأرض المواجه للشمس ، بحيث لا تغرب عنه الشمس لحظة واحدة ، فلا يكون ليل على الإطلاق ؟ .
إنّني لأبصر بخيالي في لحظات ما يستحيل على عيني أن تُبصره في عمر كامل ، بل في سلسلة طويلة من الأعمار ، وتبقى الأشياء الّتي لا أبصرها حتّى بخيالي أضعاف أضعاف الّتي أبصرها .
#اليوم_الأخير
#ميخائيل_نعيمه